بسم الله الرحمن الرحيم
الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِم يَعْدِلُونَ (1)
هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن طِينٍ ثُمَّ قَضَى أَجَلاً وَأَجَلٌ مُّسمًّى عِندَهُ ثُمَّ أَنتُمْ تَمْتَرُونَ (2)
وَهُوَ اللّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ (3)
وَمَا تَأْتِيهِم مِّنْ آيَةٍ مِّنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ إِلاَّ كَانُواْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ (4)
فَقَدْ كَذَّبُواْ بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءهُمْ فَسَوْفَ يَأْتِيهِمْ أَنبَاء مَا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِؤُونَ (5)
الحمد لله واهب النعم عظيم الكرم منشئ الحياة من العدم علم الإنسان ما لم يعلم بالحق خلق الكون بالحق وأنزل الكتاب بالحق وبالحق تكلم وإجتبى من البشر سيد الخلق وله أوحى وألهم
وأصلى وأسلم على المبعوث رحمة للعالمين رسولنا الهادى الأمين صلى الله على محمد فى الأولين والآخرين وإلى يوم الدين وعلى آل بيته الطاهرين وصحابته الغر الميامين وعلى من إتبع هداه وإستن بسنته من العالمين
أما بعد
يقول الحق تبارك وتعالى
سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ (1)
سبحانه تنزه عن المشابهة وتنزه عن كل نقص فرد صمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفؤا أحد لا تختلط عليه الألسن ويعلم خائنة الأعين كان ولم يكن قبله شيئ هو الأول والآخر والظاهر والباطن سبحانك ربى تقدست أسماؤك وأنار الكون نورك وضياؤك
أسريت بحبيبك وحبيبنا محمد خير البشر وأفضل الرسل بمعجزة حارت فيها العقول وإختلف فيها البشر ولكن أنت الله القادر المقتدر تقول للشيئ كن فيكون وتقدر على الناس القدر وتعلم المنتهى والمستقروكل شيئ خلقته بقدر
أسريت بعبدك تكريما له وخلقت له البراق أسرع من الريح والبرق فى رحلة فى لازمن من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذى باركته ببركتك وباركته بصلاة حبيبك محمد بالأنبياء فيه لترينا من آياتك الكبرى ومعجزاتك العظمى ليزداد الذين آمنو إيمانا ولايزيد الظالمين إلا تبورا وتكذيبا
سبحانك تعلم وعلمك محيط تعلم ماكان وما يكون ولوكان كيف يكون وتعلم ما فى القلوب من مكنون تسمع دبيب النملة السوداء على الصخرء السوداء فى الليلة الظلماء وتبصر كل الأشياء ولا يحيطك أرض ولا سماء
فى رحلة الإسراء المعراج يقف الإنسان منبهرا ومشدوها من عظيم قدرة الله ومن أجمل ما سمعت قول الدكتور أحمد شوقى إبراهيم عضو لجنة الإعجاز العلمى فى القرآن والسنة "أن رحلة الإسراء والمعراج تمت فى لازمن"
والقصة معروفة ويعلمها أكثرناولكن أحببت اليوم أن أقف معكم وقفة تأمل فى الحادثة لنأخذ الدرس والعبرة ويتبادر سؤال لماذا تمت رحلة الإسراء والمعراج ؟ولماذا تمت فى التوقيت الذى تمت فيه وإجابة هذا السؤال هى
إن الإسراء والمعراج كانا مكافأة ربانية على ما لاقاه النبي صلى الله عليه وسلم من أفراح وأحزان، فلقد كان بعد حصار دام ثلاث سنوات في شعب أبي طالب ، وما لاقى أثناءه من جوع وحرمان، ولقد كان بعد فقد الناصر الحميم وهو عمه أبو طالب ، وفقد زوجته خديجة أم المؤمنين، ولقد كانت بعد خيبة الأمل في ثقيف وما ناله من سفهائها وصبيانها وعبيدها. فبعد هذه الآلام كافأ الحبيب حبيبه، فرفعه إليه، وقربه وأدناه، وخلع عليه من حلل الرضا ما أنساه كل ما لاقاه، وكل ما سيلاقيه، فيعتبر الإسراء لرسول الله صلى الله عليه وسلم بعد رحلة الطائف وما عاناه أثناءها تعويضاً عظيماً، وجائزة قيمة على صبره. فتعال! رعاك الله نتأمل الموقفين، ونقارن بين الحالين: بين رحلة الطائف وبين رحلة الإسراء، فنلاحظ ما يلي: أنه ذهب إلى الطائف ماشياً بينما ذهب إلى بيت المقدس راكباً على البراق، وكان في صحبته إلى الطائف مولاه زيد بن حارثة ، وصحبه جبريل عليه السلام في رحلة الإسراء، وفي الطائف استقبله بنو عبد ياليل بالسخرية والاستهزاء، وأغروا به العبيد والسفهاء، وفي رحلة الإسراء استقبله الأنبياء والمرسلون، وحيوه أعظم تحية. وفي الطائف لم يجد من يأويه ليبلغ رسالة ربه، وفي الإسراء قدمه جبريل ليكون إماماً للأنبياء، وفي الطائف ضاقت به الأرض فلم يجد مكاناً يأوي إليه، وفي رحلة الإسراء استضافته السماء ليكون مقدماً بين أهلها، وليقف سكانها على علو شأنه عند ربه عز وجل، وفي الطائف لم يقر بنبوته أحد، وعاد منها كما دخلها، وفي رحلة الإسراء آمن به الأنبياء، وصدق رسالته أهل السماء، فجاءت رحلة الإسراء والمعراج تثبيتاً للنبي صلى الله عليه وسلم لما قد لاقاه ولما سوف يلاقيه في طريق الدعوة إلى الله. ......(الداعية الشيخ خالد الراشد)
ثم أتت رحلة الإسراء والمعراج تثبيتا للمؤمنين ولكى تفرض الصلاة فى أشرف وأعلى مكان عند سدرة المنتهى لعظمها وجلالتها فهل الصلاة مازالت معظمة لدينا؟؟!!
جاءت رحلة الإسراء والمعراج لتعلن تتويج حبيبنا ورسولناإماما لكل الأنبياءفما أعظمه من تتويج وما أجله من تكريم فهل حقا نعظم حبيبنا وقائدنا وقدوتناكما عظمه وأكرمه وأجله المولى سبحانه؟؟1!
جاءت رحلة الإسراء والمعراج لتخبرناأن البعث والحساب حتمى وكل سيحاسب وتنقل لنا صورا من العذاب لمن إرتكب بعض الكبائر من زنا وأكل مال الناس بالباطل وشرب للخمر وهجر الصلاة والكذب والغيبة والنميمة فهل إنتهينا؟؟!! أما آن الآوان للتوبة؟؟!! أما نعلم أن الموت والبعث حق حق والجنة حق والنار حق والسراط حق والحساب حق
رحلة الإسراء والمعراج آية من آيات الله سخر الكون فيها لرسول الله ليلقى ربه لينال التكريم بعد ماناله ماناله من سخرية وإستهزاء وإعراض من المشركين ولتقول لكل داعية إلى الله وكل مستمسك بحبل الله أثبت أحد فمعك الله ناصرك ومؤيدك ومثبتك ومواسيك لا تحزن ولا تيأس وثق بفرج الله ونصره لا يغرنك كثرة الضالين ولا علو وتسلط الظالمين فأنت تركن لرب العالمين القاهر القادر القوى المتين
لا يشغلك إهتمامات الناس التافهة وعبثهم ومجونهم وإرنو ببصرء إلى السماء والعلياء إلى جنة عرضعها كعرص الأرض والسماء فما أحقر الدنيا وما أهونها إذاقيست بملك دائم ونعيم قائم وصحبة الأبرار والشرب من أنهار لبن مصفى سائغ للشاربين وأنهار من ماء زلال لا يتغير طعمه وأنهار من عسل مصفى وخمر لاتذهب بالعقل ولا يمجها الذوق السليم بل لذة للشاربين
رحلة الإسراء والمعراج نداء لكل من تنكب عن الطريق وتخطفته الشياطين تعالى لرب رحيم ودود إنه ربى وربك رب العالمين
رحلة الإسراء والمعراج
جاءت لتعلن للبشرية سمو هذا الدين وعظمته فهاهو رسولنا الكريم يرتقى لأعلى مكانة لم ولن يصل لها بشر قبله ولا بعده ويؤم كل الأنبياء فى مشهد مهيب
رحلة الإسراء والمعراج
تذكرنا بقدسنا الجريح مسرى رسولنا الكريم وتصرخ فينا أيها المسلمون أما زلتم نائمون أماآن الأوان أن تستيقظو فهاهم أحفاد القردة والخنازير يحفرون الحفائر ويعملون ليل نهار لهدم المسجد الأقصى لبناء هيكلهم المزعوم فما أنتم فاعلون وإلى متى ستظلو نائمون وقد قبض على مسجدكم الفاصبونوإنتهك حرمتكم المجرمون
ياحكام العرب والمسلمون أما فيكم عرق ينبض أمات فيكم الرجولة وحفت دماء الكرامة أما منكم رجل رشيد
رحلة الإسراء والمعراج دروس لا تنتهى فهل نعى تلك الدروس أما آن الأوان لنعود لربنا وسنة حبيبنا ونتوب إلى الله ونبدا صفحة جديدة نتصالح مع أنفسنا ونمد يدنا لإخوتنا نصل أرحامنا ونتلو قرآننا ونستقيم على سراط الله المستقيم
رحلة الإسراء والمعراج دعوة للعروج إلى الله بأرواحنا وقلوبنا ودعوة للإسراء من الظلمة للنور ومن الشك لليقين ومن المعصة للطاعة ومن الفرقة إلى لزوم الجماعة ومن الكبر والعنت للخضوع والطاعة
رحلة الإسراء والمعراج دروس وعبر
1-عظم مكانة رسول الله صلى الله عليه وسلم عند الله
2-الصلاة هى عماد هذا الدين وركنه الركين وصلتنا برب العالمين
3-تفاوت مكانة كل نبى ولكل قدره ومنزلته
4-الله سبحانه رحيم بعباده فرض الصلاة خمسين وخففها رحمة بنا إلى خمس فى العدد وخمسون فى الأجر
5-كل من إرتكب كبيرة سيحاسب عليها إلا إذا تاب الله عليه قبل موته وغفر له
6-الله سبحانه لا يعجزه شيئ ولا تحد قدرته قدرة ولا يحيط بعلمه إلا هو
7-صدق رسولنا الكريم فقد أخبر بأومر عندما جادله المشركون ووصفالمسجد الأقصى وصدق قوله فقد أتت قوافل التجارة بعد أكثر من شهر وشهدت بما قاله المصطفى صلى الله عليه وسلم
8-الثبات على الحق مهما كانت التحديات والعقبات فقد ثبت رسول الله ومعه صحابته الكرام
9-سبب تسمية أبى بكر بالصديق هو تصديقه لرسولنا الكريم عندما أتاه المشركين يسخرون من الخبر فقال لهم "إنا نصدقه فى الخبر يأتى من السماء أما نصدقه فى هذا الأمر"
10-الأنبياء لهم خصوصية فقد حرم الله على الأرض أن تأكل أجسادهم والله يحييهم وقتما شاء
11-للمؤمن أن يسأل الله أن يخفف عنه مشقة العبادة وهذا لا ينافى الإيمان
12-الثقة والأنس بالله دائما وعدم اليأس من رحمة الله
13-عظم مكانة المسجد الأقصى الذى باركه الله
14-إن مع العس يسرا
15-الكون مسخر بأمر الله وهو جند من جد الله
16-الله يخلق مايشاء وفى أى وقت لحكمة
17-العمل للآخرة والحذر والخوف من عقاب الله
18-تفاوت الحساب بالنسبة للذنوب حتى الكبائر منها فهناك كبيرة أعظم من أخرى
اللهم هيئ لهذه الأمة أمر رشد يعز فيه أهل طاعتك ويذل فيه أهل معصيتك اللهم إنصر الإسلام والمسلمين وأعلى بفضلك وكرمك كلمتى الحق والدين وثبتنا على سراطك المستقيم وطهر بيتك ومسرى رسولك الكريم من أيدة المجرمين والغاصبين ووحد صفوف المسلمين ومن علينا بصلاح للدين يوحد الصف ويقود جيوش الحق لتعلو راية الحق ويعلو الآذان فوق مآذن القدس لا إله إلا الله محمد رسول الله
الهم لا تؤاخذنا بذنوبنا ولا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا ولا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك ولا يرحمنا
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وإن كان مما قلته من خطئ فمن نفسى والشيطان وإن كان من صواب فبفضل الكريم المنان عليه قصد السبيل وعليه التكلان